شهدت جلسات “الذكاء الاصطناعي لتمكين السياسات النقدية” خلال مؤتمر PAFIX المقام في معرض Cairo ICT، تفاعلًا قويًا بين خبراء الاقتصاد وعلوم البيانات، حيث اتفق الجميع على أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا في مستقبل إدارة السياسة النقدية في مصر والعالم، خاصة في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها الاقتصاد، مما يستدعي استخدام أدوات تحليل متطورة ونظم تنبؤ فورية تمنح البنوك المركزية رؤية دقيقة للواقع الاقتصادي.
تحركات الأسعار وتأثير الذكاء الاصطناعي
أشار المشاركون إلى أن الاعتماد على البيانات التقليدية لم يعد كافيًا، حيث تتغير الأسعار وسلوك المستهلكين بسرعة، مما يستدعي دمج خبرات الاقتصاديين مع القدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي لبناء سياسات نقدية أكثر مرونة. وقد أكدت أميرة عبدالعزيز، المستشار الأول بمركز البيانات في البنك المركزي المصري، أن التحول نحو الذكاء الاصطناعي يُعتبر عنصرًا رئيسيًا في تطوير أدوات السياسة النقدية، حيث طورت فرق البنك نماذج تعتمد على البيانات اللحظية من آلاف المصادر، مما يسمح لصنّاع القرار بالتحرك بشكل استباقي.
البيانات اللحظية ودورها في التنبؤ
تحدثت أميرة عن أهمية التنبؤ السريع والدقيق بالتضخم، مشيرة إلى استخدام البنك تقنيات “تحليل المشاعر” لقياس مزاج المستهلكين وثقتهم. كما تم تطوير نماذج لرصد الاقتصاد غير الرسمي الذي يُقدّر بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس كيف أن التعلم الآلي قد ساهم في تحسين فهم الاقتصاد.
نظام الإنذار المبكر
أوضحت دينا كسّاب، الخبيرة الاقتصادية في البنك المركزي، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبح عنصرًا حاسمًا في دعم قرارات السياسة النقدية. وقد طورت المؤسسة نظامًا لجمع البيانات من سلاسل السوبرماركت، مما يتيح رؤية لحظية لتغيرات الأسعار، خصوصًا في قطاع الغذاء. كما تم العمل على نظام إنذار مبكر يعتمد على تحليل المشاعر لرصد المخاطر العالمية والمحلية قبل حدوثها.
جودة البيانات كشرط أساسي
أشارت نهى يوسف، أستاذ علوم البيانات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى أن جودة البيانات هي الأساس لضمان نجاح النماذج التنبؤية. حيث أن البيانات غير النظيفة تؤدي إلى توقعات غير دقيقة، مما يتطلب تحليل السيناريوهات لضمان رؤية واضحة للبدائل قبل اتخاذ القرارات.
البنية الأساسية الجديدة للتمويل
قالت سيونارا الأسمر، نائب الرئيس التنفيذي لشركة I-Score، إن التحدي الأكبر اليوم هو كيفية إدارة البيانات المتاحة وتنظيفها، حيث أن هناك فجوة كبيرة في الشمول المالي في مصر، حيث يمتلك 15 مليون شخص فقط سجلًا ائتمانيًا من بين 70 مليون مؤهلين. وتعمل الشركة على نماذج “التقييم البديل” التي تعتمد على بيانات موثوقة، حيث تم الكشف عن مشروع تجريبي بالتعاون مع البنك المركزي لاختبار هذه النماذج.
مؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا
يُقام معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا (Cairo ICT) في نسخته التاسعة والعشرين من 16 إلى 19 نوفمبر، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يشمل خمس فعاليات كبرى تتعلق بالمدفوعات الرقمية والذكاء الاصطناعي، ويلقي الضوء على أهمية التكنولوجيا في تطوير السياسات النقدية، بمشاركة جهات حكومية ومؤسسات كبرى.
هذا الحدث يمثل فرصة لتسليط الضوء على كيفية استفادة الاقتصاد المصري من الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات المتقدمة لتحقيق تنمية مستدامة وتطوير السياسات النقدية بما يتماشى مع الاحتياجات المتغيرة للسوق.

