في خطوة تحمل دلالات سياسية وأمنية، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة المنطقة العازلة في الجولان، حيث أراد أن يوجه رسالة واضحة للنظام السوري وللرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مفادها أن إسرائيل متمسكة بمصالحها الأمنية في الجنوب السوري، وقد شهدت الزيارة تغطية إعلامية واسعة بعد أن حصل نتنياهو على إذن بإلغاء جلسات محاكمته لهذا الغرض.
رافق نتنياهو وفد رفيع المستوى شمل وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الشاباك ووزير الخارجية، مما يعكس أهمية الرسالة الإسرائيلية، وخلال الجولة، كان نتنياهو مرتديًا خوذة وسترة واقية، مما يعكس تصميم إسرائيل على الحفاظ على وجودها في تسعة مواقع متقدمة داخل المنطقة العازلة، بالإضافة إلى تمركزها في قمة جبل الشيخ، وهو موقع حيوي من الناحية الاستخباراتية.
الشروط الإسرائيلية لسوريا
أكد نتنياهو أن وجود إسرائيل في مواقعها الحالية سيستمر حتى تلتزم دمشق بثلاثة مطالب رئيسية، وهي إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى الحدود الأردنية، ومنع وجود أسلحة ثقيلة أو ميليشيات مدعومة من إيران في الجنوب السوري، والسماح بفتح ممر بري بين الجولان والقرى الدرزية في السويداء لنقل المساعدات وحماية السكان.
رغم وجود جولات تفاوض بين الجانبين، لم تحقق المباحثات أي تقدم، حيث طالب النظام السوري، بدعم غير معلن من الولايات المتحدة، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة العازلة ووقف الضربات الجوية، بينما رفضت دمشق مطلب الممر الإنساني للدروز.
الدور السعودي وقلق تل أبيب
في ظل هذه الأجواء، يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان له دور في تقريب وجهات النظر بين النظام السوري وترامب، حيث سعى ترامب لضم سوريا الجديدة إلى “اتفاقات أبراهام”، لكن الشرع اشترط انسحاب إسرائيل من الجولان، وهو ما قوبل برفض إسرائيلي.
ما أثار القلق في تل أبيب هو الود غير المعتاد الذي أظهره ترامب تجاه الشرع خلال استقباله في البيت الأبيض، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على تقارب قد يؤدي إلى دعم أمريكي لمطالب دمشق.
زيارة تحمل رسائل حادة
بدلاً من التصريحات المباشرة، اختارت إسرائيل إرسال رسالة ميدانية عبر زيارة رفيعة المستوى للجولان، لتؤكد تمسكها بوجودها الدفاعي، وإبلاغ جميع الأطراف من دمشق إلى واشنطن وأنقرة وموسكو أن أي ترتيبات مستقبلية في سوريا يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مصالحها الأمنية.
ردود فعل غاضبة
أدانت دمشق الزيارة ووصفتها بأنها “غير شرعية” و”انتهاك لسيادة سوريا”، مطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وتم انعقاد مجلس الأمن بناءً على طلب سوري، حيث شهد سجالًا بين المندوبين السوري والإسرائيلي.
الأمين العام للأمم المتحدة أدان الزيارة، في حين دعت فرنسا إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجولان، أما الولايات المتحدة فلم تصدر أي رد حتى الآن، وتبقى الأنظار متجهة نحو ترامب ومحمد بن سلمان، وما إذا كان هذا التحرك الإسرائيلي سيؤثر على مسار الاتصالات حول مستقبل الجنوب السوري.



تعليقات