في نهاية عام 2025، يواجه الاقتصاد الروسي تحديات كبيرة، حيث يعتمد بشكل أساسي على المجمع الصناعي العسكري الذي يتلقى إنفاقًا حكوميًا هائلًا، مما يجعله المحرك الوحيد للنمو الاسمي، لكن هذا النمو يخفي خلفه مشاكل هيكلية عميقة، حيث يعاني الاقتصاد من “احترار مفرط” يؤدي إلى زيادة حادة في درجة حرارة الاقتصاد، مما يفاقم من الضغوط الهيكلية القائمة، ويجعل الوضع أكثر تعقيدًا في ظل بيئة ركود تضخمي متزايدة الخطورة.
التضخم والركود
يُعتبر التضخم أحد أكبر التحديات الاقتصادية، حيث ينمو بفعل عوامل مزدوجة، أولا الإنفاق الدفاعي الكبير الذي يؤدي إلى تضخم الطلب، وثانيًا ارتفاع الأجور الناتج عن نقص العمالة، مما يتسبب في تضخم تكاليف الإنتاج، ورغم محاولات البنك المركزي السيطرة على الوضع من خلال رفع أسعار الفائدة، إلا أن ذلك أثر سلبًا على النشاط الاقتصادي المدني، حيث تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.1% في الربع الثاني من 2025.
أزمة العمالة
تعاني روسيا من أزمة في سوق العمل، مع انخفاض معدل البطالة إلى 2.1%، مما يدل على ضيق حاد في السوق بسبب الحرب المستمرة وتدهور الوضع الديموغرافي، كما أن هناك نقصًا كبيرًا في المتخصصين التقنيين المطلوبين للصناعة العسكرية، ورغم الجهود لجذب العمالة الأجنبية، إلا أن النجاح كان محدودًا، مما يعكس صعوبة روسيا في المنافسة على العمالة الماهرة عالميًا.
الميزانية والضرائب
تُظهر الميزانية المخصصة لعام 2025 أن الإنفاق العسكري يتصدر الأولويات، حيث من المتوقع أن يبلغ حوالي 15.5 تريليون روبل، ولتمويل هذا العجز، تشير الخطط إلى زيادات في الضرائب، مما سيؤثر بشكل كبير على المواطنين العاديين، حيث ستزيد ضريبة القيمة المضافة وضريبة أرباح الشركات، مما قد يحد من النشاط الاقتصادي في المستقبل.
التكيف الخارجي والتحديات المستقبلية
على الرغم من نجاح روسيا في التكيف الخارجي من خلال بناء “الأسطول المظلل” لتجاوز سقف أسعار النفط، إلا أن هذا التكيف جاء بتكاليف باهظة، حيث بلغ إجمالي نفقاته 14 مليار دولار، ورغم ذلك، يظل النموذج الاقتصادي الحالي غير مستدام على المدى الطويل، حيث يواجه الاقتصاد المدني تحديات متعددة مثل نقص العمالة وارتفاع أسعار الفائدة والزيادات الضريبية، مما يجعل العودة إلى اقتصاد متنوع عملية صعبة للغاية.

