تستعد مدينة بيليم البرازيلية، التي تقع عند مصب نهر الأمازون، لاستضافة مؤتمر المناخ “كوب 30” بأسلوب مختلف وغير تقليدي، حيث تم تحويل الحاويات والسفن والمدارس وحتى الثكنات العسكرية إلى أماكن إقامة لأكثر من خمسين ألف مشارك، في ظل ارتفاع أسعار الفنادق وندرة المساكن، ورغم الانتقادات، تُصر البرازيل على تنظيم المؤتمر وفق رؤيتها الخاصة، في خطوة تعود إلى موطن اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ التي وُقّعت عام 1992 في قمة الأرض بمدينة ريو دي جانيرو، كما ذكرت صحيفة “جارديان” البريطانية.

تركيز على التنفيذ

هذا المؤتمر يتميز بحضور عدد من قادة العالم المبكر، مثل كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، الذين عقدوا اجتماعات تمهيدية للبحث عن حلول عملية قبل بدء المفاوضات الرسمية بين ممثلي 195 دولة، وتتبنى البرازيل نهجًا جديدًا يركز على التنفيذ بدلاً من الاكتفاء بالوعود أو القرارات العامة كما جرت العادة في مؤتمرات سابقة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين المشاركين، حيث تسعى البرازيل إلى تحويل المؤتمر إلى مساحة للعمل المشترك بدلاً من الجدل، وهو ما عبر عنه رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاجو بأنه دعوة ضد تغير المناخ.

دوائر تشاورية ومبادرات جديدة

في هذا الإطار، أنشأت البرازيل “دوائر تشاورية” تجمع بين رؤساء مؤتمرات كوب السابقين، ووزراء مالية وبيئة، وممثلين عن الشعوب الأصلية والقطاع الخاص، وقد بدأت هذه الدوائر تُظهر نتائجها من خلال تعزيز التواصل بين مختلف الأطراف، وإطلاق الرئيس لولا دا سيلفا ووزيرة البيئة مارينا سيلفا مبادرة جديدة بعنوان المراجعة الأخلاقية العالمية، التي تهدف إلى إدماج العدالة الاجتماعية في السياسات المناخية، مع قناعة بأن الحلول التقنية متوفرة، لكن الإرادة الأخلاقية والسياسية هي ما ينقص.

محاور المؤتمر ورؤية البرازيل

يركز برنامج المؤتمر على ستة محاور أساسية تشمل التحول إلى الطاقة النظيفة، وحماية البيئة والموارد الطبيعية، وتحويل الزراعة، وتعزيز صمود المدن، ودعم التنمية البشرية، وتحفيز التمويل والتكنولوجيا، وترى البرازيل أن “كوب 30” يجب أن يكون مؤتمر “التنفيذ”، أي مرحلة ترجمة التعهدات السابقة إلى أفعال ملموسة خلال العقد القادم، وفي الوقت ذاته، تسعى البرازيل إلى إصلاح نظام مؤتمرات المناخ نفسه، الذي أصبح معقدًا بسبب تعدد مسارات التفاوض والمبادرات السابقة، وقد أكد سيمون ستييل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، أهمية تطوير العملية لتكون أكثر سرعة وشمولًا وارتباطًا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي، لكن الجدول الزمني المكثف للمؤتمر، الذي يتضمن 145 بندًا خلال أسبوعين، قد يجعل من الصعب منح هذه الإصلاحات ما تستحقه من اهتمام في الوقت الراهن.