منذ أن تم توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في 1992، ومرورًا باتفاق باريس في 2015، يظل التركيز العالمي منصبًا على كيفية إدارة الانبعاثات وتداولها، لكن للأسف، هذا التركيز لم يحقق التقدم المطلوب ولم يعالج الجذور الحقيقية للأزمة، كما تشير جيسيكا غرين، أستاذة العلوم السياسية بجامعة تورونتو، حيث إن السياسات الحالية تشجع الحكومات على اتخاذ خطوات مرنة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية، لكنها لا تدفع نحو تحول حقيقي للطاقة المتجددة.
أهمية التحول الهيكلي
تظهر الدراسات أن برامج التعويض عن الانبعاثات لم تحقق النتائج المرجوة، حيث تمكنت أقل من 16% من المشاريع من تقليل الانبعاثات بشكل فعلي، ورغم نجاح بعض التجارب في الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأسعار العالمية للكربون لا تزال منخفضة مقارنة بالتقديرات اللازمة للحد من التغير المناخي، كما أن الدول النامية لا تتلقى التمويل الكافي لدعم جهودها في التحول الأخضر، مما يزيد من التحديات التي تواجهها.
نحو تغيير اقتصادي حقيقي
ترى غرين أن الحل لا يكمن في المزيد من الاجتماعات والبرامج الحالية، بل في ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية تشمل فرض ضرائب عادلة على الثروات الكبرى وتحفيز الاستثمارات في الطاقة الخضراء، حيث إن استبعاد قطاع الطاقة الأحفورية من الحماية القانونية يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف المناخية.
باختصار، يجب أن ينحصر دور اتفاقية باريس والأمم المتحدة في جمع البيانات وتبادل المعلومات، بينما يجب ترك الجهود الأساسية لإعادة هيكلة الاقتصاد بعيدًا عن السوق التقليدي للانبعاثات، وهذه ليست مجرد خطوة اختيارية، بل ضرورة ملحة لضمان مستقبل أفضل للجميع، خاصة للدول الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، لذا حان الوقت لإعادة التفكير في هيكل الاقتصاد العالمي وفرض ضرائب عادلة، وتوجيه الاستثمارات نحو المستقبل الأخضر قبل فوات الأوان.

