في الأول من نوفمبر، افتتح المتحف المصري الكبير في القاهرة، ليكون واحدًا من أعظم الإنجازات الثقافية في القرن الواحد والعشرين، هذا الصرح الضخم يقدم للعالم تجربة فريدة من نوعها في تاريخ المتاحف الأثرية، يمتد المتحف على مساحة 5.4 مليون قدم مربعة، وهو ما يعادل أكثر من 90 ملعب كرة قدم، ويضم حوالي 100 ألف قطعة أثرية تعود لسبعة آلاف عام من التاريخ المصري، بداية من عصور ما قبل الأسرات وصولًا إلى العهدين اليوناني والروماني.
تحديات كبيرة واجهت المشروع
المتحف واجه العديد من التحديات على مدار العقدين الماضيين، بدءًا من الأزمات المالية، مرورًا بالاضطرابات السياسية الناتجة عن ثورة 2011، وصولًا إلى جائحة كورونا والتوترات الإقليمية، ورغم تقدم 1500 مكتب هندسي عالمي للمسابقة، فاز مكتب صغير تديره المهندسة الإيرلندية روزين هينيغان وزوجها شي فو بينغ، مما أثار دهشة الأوساط المعمارية في ذلك الوقت.
خلال الافتتاح، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن المتحف يعد “شهادة حية على عبقرية الشعب المصري” و”هدية من مصر إلى العالم”، كما اعتبره خبراء آثار بداية “عصر ذهبي جديد لعلم المصريات”.
تصميم يتناغم مع التاريخ
يمتاز المتحف بتصميم معماري فريد يجمع بين الحداثة والتراث، حيث تتناغم الواجهة المثلثية مع الأهرامات القريبة، ويتيح الدرج الكبير الذي يمتد لستة طوابق إطلالات رائعة على الأهرامات من خلال نوافذ ضخمة، وقد صرحت هينيغان أن الهدف من رفع قاعات العرض هو منح الزوار أفضل إطلالة على أكبر أثر في مصر، كما أن التصميم يخدم المصريين والسياح من خلال توفير مساحات تعليمية وحدائق عامة.
المتحف يطرح أيضًا موضوعًا مهمًا حول استرداد الآثار المصرية الموجودة بالخارج، حيث يؤكد الدكتور زاهي حواس أن المتحف أصبح قادرًا على عرض كنوز مصر التاريخية، ولم يعد هناك مبرر لبقائها في المتاحف الأجنبية، داعيًا لعودة ثلاث قطع رئيسية هي حجر رشيد وزودياك دندرة وتمثال نفرتيتي.
مع اكتمال المشروع، أصبح اسم روزين هينيغان معروفًا عالميًا، حيث نجحت في تصميم صرح حضاري يستعيد لمصر مكانتها الثقافية على الساحة الدولية، مما يجعل المتحف المصري الكبير بالفعل “هدية من مصر إلى العالم”.

