في اليوم الثاني من التصويت، كانت السفارات المصرية حول العالم تعج بخطوات الناخبين الذين جاءوا يحملون معهم أكثر من مجرد أوراق إثبات الهوية، فقد جاءوا بأحاسيس العودة إلى الوطن، حتى وإن كانوا بعيدين عن أرضهم، حيث بدأت القنصلية المصرية في الرياض تستقبل الناخبين منذ ساعات الصباح الأولى، بينما بدأ الطابور يمتد قبل فتح الأبواب الرسمية.
وجوه مختلفة جاءت من أماكن بعيدة، بعضها قطع مسافات بين المدن، حيث يسعى الجميع للمشاركة في الانتخابات الحاسمة لمجلس النواب، وفي باريس، كان المشهد مختلفًا قليلاً، حيث تبادل المغتربون الأحاديث حول دوائرهم الانتخابية في وسط شارع هادئ.
انتخابات عبر القارات
ثمانية عشر بلدًا شهدت نفس المشهد اليوم، حيث اجتمع الناخبون في قاعات واسعة مع لجان دبلوماسية وآلات تحقق من الهوية، وصناديق اقتراع شفافة كانت تنتظر تلك الأوراق التي تعبر عن اختيارات المصريين.
فتحت مقار البعثات المصرية في دول مثل السعودية ورومانيا والجزائر والسودان وإسبانيا وغيرها أبوابها لاستقبال أبناء الجاليات المصرية، الذين أتوا بشغف للمشاركة في حقهم الانتخابي، من الجيزة إلى أسوان، ومن المنيا إلى الأقصر.
على الرغم من أن خريطة الدوائر الانتخابية قد تبدو شاسعة، إلا أنها تتقلص لتصبح نقطة واحدة عند التصويت، حيث يجتمع صندوق وقلم وصوت لا يشبه غيره.
العمل في صمت
داخل القنصليات، كانت اللجان الدبلوماسية تعمل بدقة، حيث كان أعضاء السلك الدبلوماسي يراجعون بطاقات الرقم القومي ويطابقونها مع جوازات السفر، بينما كان أمناء اللجان يوجهون الناخبين بمرونة، وعند انتهاء الوقت الرسمي كان مشهد دخول آخر دفعة من الناخبين يتكرر، حيث يستمر التصويت حتى يُدلي آخر شخص بصوته.
بين الاغتراب والالتزام
وفي قنصلية ميلانو، جلست سيدة في العقد الخامس من عمرها، تبتسم وهي تخبر ابنها بأن وجودهم في الخارج منذ 15 عامًا لا يمنعها من الشعور بقرب الوطن في يوم الانتخابات، وفي بروكسل، كان هناك شاب يلتقط صورة بعد التصويت ليحتفظ بذكرى أن صوته له قيمة حتى وهو بعيد عن بلده.
ومع غروب اليوم، أغلقت البعثات المصرية أبوابها بعد ساعات طويلة من استقبال الأصوات، حيث لا تمثل انتخابات مجلس النواب مجرد إجراء عابر، بل هي لحظة لاستعادة العلاقة بين المصري وبلده، علاقة قد تُقطع جغرافيًا لكنها تبقى حية عندما يضع الناخب ورقته في صندوق يحمل علم مصر.
تفاصيل الدوائر الانتخابية
تجري الانتخابات التكميلية في 30 دائرة موزعة على 10 محافظات، وتتضمن دوائر من الجيزة مثل البدرشين وبولاق الدكرور، وأخرى من المنيا وأسيوط والبحيرة وغيرها، وفقًا لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات، حيث يجب على الناخب أن يدلي بصوته بنفسه، ولا يُقبل سوى بطاقة الرقم القومي أو جواز سفر ساري يتضمن الرقم القومي.
يتم التصويت داخل مقار السفارات والقنصليات أو أي مقر آخر تعتمدُه الهيئة بالتنسيق مع وزارة الخارجية، حيث تتكون لجان الإشراف من أعضاء في السلك الدبلوماسي ومساعدين من موظفي وزارة الخارجية، لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة.
وفي حال وجود ناخبين داخل القاعة عند انتهاء الموعد، يستمر التصويت حتى يُدلي الجميع بأصواتهم، مما يعكس الالتزام بضمان حق كل ناخب في المشاركة، بينما تستمر الاستعدادات داخل مصر على مستوى اللجان الانتخابية والهيئات القضائية، لضمان نجاح العملية الانتخابية.


